Art by/ unknown
مالذي
تستطيعُ فعلهُ حين يباغتكَ الحُزن بلكمةٍ على الوجه ويسقِطُك أرضاً؟
كيفَ تُجيب على تلك اللّكمة؟ بلكمةٍ أُخرى سريعة؟ أم بالتوقفِ والتحديق في وجه الحزن بتفاجُئ؟
أتحاولُ التحاورَ مع الحزن بالمنطق؟ أتتحدثُ معه بلُغة العقل الصافية؟
قد تُجرب
البُكاء ليُشفقَ عليك ويذهب من تلقاء نفسه!
كيف
تتصرف مع حزنٍ ضخم، ذكي، يستمر في المجيء وكأن البيت (عقلك) بيته، يطيلُ المكوثَ ويستعجلُ العودة إليك مشتاقاً للمكوث فترة أطول. كيف الخلاص من هذا؟
أتشعرُ في بعض اللحظات بأنكَ ستتمكن منه بخطتكَ التي صنعتها للتو، لكن الأحداث لا تسير
دومًا وفق الخطة، وفق ما حدَّثكَ عقلُك بالقيامِ به للخلاص من ضيفكم الثقيل، فيأتي
قلبُك أو طيشك أو ربما تهورك ويمحي ما كان ربما هو الحل!
تبكي
نهاركَ وتعيش ليلك في سكب ليترات الدموع المتراكمة في أفكارك، تستعد لبكاء الغد
الذي صارَ جزءاً من روتينك اليومي.
كيفَ الخلاص؟
هي لعبةٌ ذهنية، ليست كنفض الغُبار من الستائر ولا كإعادة طلاء جدران المنزل، بل تحدي ذهني
لا تتذكر كيف أدخلت نفسك فيه ولا تعرف ما احتمالات فوزك.
أهي صفرٌ بالمئة؟ ربما خمسُونَ بالمئة؟
ماذا لو
لم يكُن يوجدُ أي احتمالٌ لأي فوز أو خسارة!
أعني
ماذا لو كانت كالجري الذي لا ينتهي أو الوقوف الذي لا ينثني؟
هل أنا
في حلم؟
لابد أن
أكون كذلك فكل هذا الحُزن لا يوجد إلا في الاحلام، سأقرُصُ ذراعي لربما أستيقظُ والشمس
تتراقصُ فوقَ عيناي الناعسة ولربما أرى قِطع الغبار الطائرة في الفراغ تقولُ لي: "صباح الخير" سأبتسمُ حينها وسأتذكرُ بأن جميع القصص تنتهي بنهاية سعيدة.
لكنني
لم أستيقظ!
لما لستُ مستيقظة حتى الآن؟
هل أزالَ الحُزن الاحساسَ من أطرافي؟ هل بِتُ لا أشعرُ بشيءٍ إلا بطرق مطرقتهِ على رأسي؟
كيف
أهربُ من هذا الروتين القاهر، كيف السبيلُ لتوقف كل شيء من التحرك من أمامي؟
أشعر
بقواي تُسلب كل مرة أرفعُ فيها رايةَ الهُجوم في وجهه، أشعرُ بغبائي يزداد وزناً حين أفضلُ السكوتَ على التحدث، أتثاقل التفكير لأجل إيجاد أي شيءٍ يُفيد، ينفع، يفلح.. في فك عقدٍ تشُدني للوراء.
لحظة..
مالذي
أراه يلمعُ في قعر الظلام هناك؟
الحل الأخير، ولربما كان الحلَ الوحيد والصحيح منذ البداية!
ربما
كان الحل في أن أفتح باب روحي على آخره وأستقبل الحزن بنفسي، ربما كان الحل في أن
أحادثهُ بصدقٍ عن الضيق الذي يغلي فيّ، أن أبكي حزني دمعاً أو حرفاً أو لوحة.
أن أسمعَ ما يريد قولهُ لي، وأنصتُ لما بين السطور، أن أسأل نفسي "كيف أنهي هذا الألم
بأقل ضرر؟"
الحل هو
"التقبُل"
أن تَقبل
بالقدَر الذي كَتبه الخالقُ لأجلك، من أجل أن تتضح قصتك ورحلتك في هذا العالم.
لحظة
تقبُلك لابد أن تعرف بأن السيد "حزن" لن يخرج من عندك إلا حين يتأكد بأنك..
"فهمتَ جيداً سبب قدومه لك"
"فهمتَ جيداً سبب قدومه لك"
لن يكونَ مُكوثه مؤلماً كالسابق بل قد تنسى أنه موجود،ستسهران معاً ليلاً في الجلوس والبكاء وتأمل صور الماضي و الحديث المتواصل الذي لا ينتهي.
ربما هو صديقٌ مُكوثه مؤلم لكنه يفهم ما يجري فيكَ من الداخل، يعي حجم الألم الذي يخلفهُ مكوثهُ عندَك يستوعبُ ما الذي يحدثهُ فيك من تغيير.. من تغيير للأفضل.
ستتدرب على لُغة التقبل مع الحزن مرة و ثانية حتى تحترفها، حتى ما إذا أمطرتَ يومها بكاءًا تعرف مالذي يتطلب منكَ فعله للبقاء دون أن تفقد جزءًا آخرَ من قلبك.
ستتدرب على لُغة التقبل مع الحزن مرة و ثانية حتى تحترفها، حتى ما إذا أمطرتَ يومها بكاءًا تعرف مالذي يتطلب منكَ فعله للبقاء دون أن تفقد جزءًا آخرَ من قلبك.
لكن
لحظة ذهاب الحُزن، لحظة حملهِ لتلكَ الحقيبة المليئة بثيابه السوداء وارتداء معطفه
المخملي وتوقفهِ عند عتبة بابك ثم يلقي نظرة أخيرة لك فيبتسم .. وتبتسم أنت.
فبعدَ كل
شيء ما زلتُ متأكدة بأن كل القصص ستنتهي بنهاية سعيدة، قد لا نراها كما يجب لكن لابد أن أحداً ما قد لمح طيفها يعبُر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق