Art by/rosemary artista
في يوم عادي جاء وقد ذهب، أخذتُ قلماً وورقة
وشرعت بكتابة شيء لا أتذكره الآن.
لكن للحظة دق باب العقل سؤال يقول:
"لماذا؟ ما الفائدة من هذا كله؟".
ليس سؤالاً غريباُ لكنه قد جاء في وقت
غريب وغير مناسب ابداً، لحظة أن قررتُ الكتابة!
تركتُ ما كنتُ اعملُ عليه وكتبتُ
عنواناً جديداً "لماذا نكتب؟".
من أين أبدأ الحديث؟
هل أتحدث من منطلق شخصي أم أجيب بالنيابة
عن ملايين الكُتاب في العالم؟
هل أخبركم كل شيء أم يجب عليّ التظاهر بإخفاء اسرار
عملية الكتابة وما يدور فيها من ألغاز؟
أشعر بأنني أنفخُ بالوناً ولا أعرفُ متى
أتوقف عن ملئه بالهواء قبل أن ينفجر في وجهي!
قضمتُ طرف القلم وكأنني أعاقبهُ على
تخاذله معي في وقت سيء، نظرتُ للورقة الفارغة الحزينة، يبدو شكلها غريباً دون
كلمات وجملٍ طويلة تسدُ جوع التساؤلات.
لماذا نكتب؟ وما الهدف من الكتابة
نفسها؟
نحنُ ككُتاب لسنا متشابهين لدرجة أن
نملك نفس الأسباب ولسنا مختلفين في نفس الوقت لئلا نجد بعضنا على متن نفس القارب.
مالذي يدفعنا لأن نكتب؟
لماذا كتبتي يا إيميلي ديكنسون؟
كنتِ تملكين كل شيء!، لماذا أخترتِ
الكتابة إن كانت قد جلبت لكِ كل هذا الألم؟
الهذا منعتي أن يزوركِ أي أحد واخترتِ
عزلة غرفتك؟ لم يكن بسبب موت والديكِ، لم يكن بسبب أي شيء ذكرتهُ لنا كتب سيرتك.
أتعرفين يا إيميلي شِعْرك الذي لم
يقدره أحدٌ وقت كنتِ تتنفسين بينهم بات الآن بعد موتك فخراً أدبياً يدرس.
كنتِ تكتبين برقة كافية لئلا يعرف أي
أحد بأنكِ كنتِ تتألمين جراء مرضك في آخر عمرك.
جين أوستن..
دعيني أولاً أعبر لكِ عن شدة إعجابي
بإصرارك وبأن الاستسلام لم يكن خياراً أتحته لنفسك ولقلمك.
لماذا كتبتي؟
لماذا كتبتي؟
هل كتبتي لأنك شعرتي بالملل من حفلات
الشاي بلا هدف؟ من أين أتيتي بكل تلك القصص؟ هل تضايقتِ كونكِ اضطررتِ أن تكتبي
تحت أسم مستعار ليظنوا أنك رجل؟ كنتُ سأتضايق أنا كذلك لو اضطررت لفعل ذلك.
تمرُ الساعات وأنا لا أزال أتساءل عن الإجابة،
الكتابةُ ليست سهلة .. الكتابة ليست بسهولة نزهة عبر الحديقة وأن ترى زهرة وتقطفها!
الكتابة أشبه .. بفصل ذرات الملح عن
السكر ، بإعادة تركيب قطع زجاجية مهشمة ألف قطعةٍ وقطعة ، بالمشي على أرضٍ تملأها الأشواك
حافي القدمين.
الكتابة ليست تعذيباً .. لكنها تحدي.
الكتابة ليست مستحيلة لكنها صعبة.
كلنا نستطيع أن نكتب .. لكن ..
لسنا نملك نفس الأقلام.
هنالك أقلام هزيلة نحيلة حين ابتدأت
والآن صارت سميكة وقوية، ضرباتها على الورق تقطع الطريق إلى القلب بلا تأخير.
تحولت تلك الأقلام الهزيلة لأقلام ذهبية
بالاستمرار والتدرب.
أتساءل أحيانا هل كنتُ سأكتب لو كانت
الظروف صعبة قبل قرون عديدة؟ هل كنتُ سأختار الكتابة على حياتي؟
أم هل نحنُ أشباه كُتاب؟، أشخاص
"يريدون أن يكونوا كُتاباً"؟
في زمن سابق الكتابة كانت تعد ذنباً وشيئاً
يخجل منه صاحبة!
لكنهم كانوا يحاربون لأجل أن يكتبوا.
هل الكتابةُ نختارها أم هي التي
تختارنا؟
كيف يبدو شكل العالم بلا كتابة وورقة
وقلم؟ مخيفة ربما.
بلا مرجع نعود له .. بلا مغامرات نعيشها
بين ذواتنا .. بلا مرآه تظهر لنا الحقيقة.
الكتابة هي حاجة داخلية لأن نتركَ شيئاً
ربما، أن نترك الجزء الأصدق من أنفسنا.
ربما يعارضني أحدٌ ليقول بأنها ليست
حقيقتنا كونها خالية من العيوب! لأننا نكتب عن المثالية التي نريد.
أتفق لكن .. هل هذا سببٌ كافي لأن لا
يكون ما نكتبه هو الاصدق و الأقرب للحقيقة التي نريد .. يكفي أننا نعي ما نكتبه والنية
لكتابة الشيء قد سبقت كتابتنا له.
أليست الكتابة لب الحقيقة ومصدرها؟
ما نكتبه هو رسائل صوتنا الضائع،
محادثات العقل مع العالم حين ننام، كلامنا الأصدق الذي قررنا عدم قوله.
ربما نكتب لأن الكتابة تجبرك أن تشعر!
سواء كان الشعور جيداً أم سيئاً!
ربما نكتب لأن الكتابة تأتي بلا استئذان
لأنها لا تسمح لبكاء أن يخترقها، لمقاطعة كلامية أن تفصلها!
قد نكتب لأنه السبيل الوحيد والحل
الأخير.
تساءلت كثيراً يومها وشعرت بالاختناق،
فتحتُ النافذة ليدخل الهواء المنعش عله يشجع الإجابة للحضور.
لكن الإجابة أبت المجيء .. وقد نفذَ
صبري، نظرتُ للورقة والقلم وكتبت ، متجاهلة تساؤلاتي العديدة حول الكتابة.
-اقتباس-
"لا أحد يستطيع إبعاد الكتابة عنك، ولا أحد يستطيع أن يعطيك إياها أيضاً"
-ميغ والترز
-تمت-
إلى لقاء قادم بإذن الله
كتابة/ عَهْد الحربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق